نيكولا تسلا
في وقت يعد فيه إنتاج المحركات التي تعمل على التيار المتردد، وتطوير التكنولوجيا الأساسية للاتصالات اللاسلكية، من أبرز إنجازات القرن التاسع عشر، نفاجأ بأن تلك الإبداعات قد ظهرت على يد رجل واحد، هو نيكولا تسلا، الذي عاش عالما مثابرا، لكنه مات رغم ذلك فقيرا مفلسا!
نبوغ منذ الصغر
في عام 1856، وفي دولة صربيا، ولد نيكولا تسلا، الذي أدهش من حوله ومنذ نعومة أظافره، بما يملك من مهارات حسابية غير معتادة، جعلت أساتذته يشكون في أنه يمارس الغش، وإلا فكيف يقوم بإجراء الحسابات بتلك البراعة العجيبة وفي أقل وقت ممكن!
في سنوات المراهقة، عانى نيكولا من المرض، إلا أنه تعافى بصورة مفاجئة بمجرد تخلي والده عن فكرة عمل نيكولا ككاهن، وموافقته على التحاقه بكلية الهندسة بدلا من ذلك، قبل أن يقرر نيكولا في مفاجأة أخرى الانسحاب من كليته، والعمل بشركة العالم الشهير، توماس إديسون، حيث تمنى مقابلة مثله الأعلى يوما، فسافر للولايات المتحدة في عام 1884، أملا في تحقيق حلمه.
العمل
يحكي نيكولا عن فترة عمله بشركة إديسون، موضحا أنه ركز كل جهوده حينئذ على فهم وإدراك الإضاءة الكهربائية والمحركات، ومشيرا إلى أنه تلقى عرضا بالحصول على 50 ألف دولار، إذا تمكن من حل بعض الأزمات الهندسية التي واجهت شركة إديسون، لينجح تسلا في حلها بالفعل، ويفاجأ لاحقا بأن العرض كان مجرد مزحة، ويرحل عن عمله بعد 6 أشهر.
الغريب أن تلك الحادثة لم تكن الأخيرة، التي يتعرض خلالها تسلا للخداع كما يصف، إذ عانى الشاب العبقري من نفس الأزمة، عندما شارك رجلين في إنشاء شركة تحمل اسمه، قدم إليها عددا من براءات الاختراع الكهربائية، التي ذهبت مع الريح مع قيام الشركاء بالانفراد بإدارة الشركة، وتركه بلا أي شيء يذكر، ليضطر المبتكر الاستثنائي للعمل في حفر الأنفاق مقابل 2 دولار في اليوم، ما أحبطه كثيرا قبل أن يجد ضالته.
مخترع ناجح
في عام 1887، بدأ تسلا في تذوق طعم النجاح الحقيقي، حين التقى بمستثمرين وافقوا على دعم ابتكاراته الكهربائية، فأنشأ مختبرا في منهاتن، ساعده على تطوير محركات التيار المتردد، ما ساهم في حل مشكلات تقنية معقدة عدة، وجعله يحصد براءة هذا الاختراع المميز في عام 1888.
بعد مرور نحو 3 أعوام من العمل والكفاح، حصل تسلا على الجنسية الأمريكية، وطور من قدرات الاتصال اللاسلكي فأثبت إمكانية تنقل الطاقة بصورة لاسلكية، إلا أنه واجه أزمة جديدة، تتمثل في حريق ضخم التهم مختبره بمنهاتن، بما حمل من أوراق وأبحاث مهمة.
المثير أن الكوارث والأزمات التي واجهها تسلا على مدار حياته، أضافت إليه حسا فلسفيا نادرا، جعله يتعمق أكثر وأكثر في القراءة والتعلم، بل وقيل أنه كان يملك ذاكرة فوتوغرافية حادة، ساعدته في تذكر كل ما قرأ على مدار حياته، إضافة لتعلم 8 لغات مختلفة.
نهاية عالم
بالرغم من القدرات الخارقة التي تمتع بها تسلا، إلا أن الحظ السيء، وكذلك عدم تخطيطه للأمور بالصورة الأمثل على ما يبدو، قد أنهت حياته بشكل لا يليق بمكانته، حين أفلس تماما، وأمضى سنواته الأخيرة يتنقل من مكان لآخر، حتى وافته المنية في عام 1943، عن 87 عاما.
في النهاية، رحل نيكولا تسلا وهو مفلس لا يملك دولارا واحدا في جيبه، إلا أنه ترك للعالم إنجازات لا تقدر بالأموال، أدت لاختيار وحدة قياس المجال المغناطيسي لتحمل اسمه، وتصبح وحدة قياس المعروفة باسم تسلا.
إرسال تعليق