في نشاطٍ اعتياديٍ جداً رست اثنتا عشرة سفينة تجارية محملةً بالحرير
والبضائع الأخرى في ميناء مدينة ماسينا في صقلية، والتي جاءت من الشرق
مروراً بالبحر الأسود والمتوسط، ولكن المفاجأة التي لم تكن في الحسبان أنَّ
السفن لم تحمل على متنها الحرير فقط، بل حملت معها كارثة مدمرة، إنّه
الموت الأسود كما أطلق عليه الطبيب الألماني يوستوس هيكر في كتابه ”الموت
الأسود في القرن الرابع عشر“.
أغلب ركّاب هذه السفن كانوا أمواتاً وأجسادهم مغطاةً ببقع سوداء داكنة،
أما من بقوا على قيد الحياة كان المرض قد أنهك قواهم وأبرحهم ألماً، وعلى
الرغم من ترحيل السفن بعد رؤية أهل مدينة ماسينا لهذا المشهد الفظيع، إلا
أنَّ الوقت كان قد فات، وبدأ المرض من هناك بالانتشار في أنحاء أوروبا
مودياً بحياة أكثر من ثلث سكّانها.
إليك هذه الحقائق عن هذا المرض الفتّاك الطاعون:
1. اجتاح
الطّاعون في القرن الرابع عشر أوروبا والشرق الأوسط ووصل إلى شمال آسيا
والأمريكيتين لاحقاً، ممّا جعله كارثةً بارزة في التاريخ.
2. قتل الطاعون ما يُقدّر ب 30-60% من عدد سكّان أوروبا. وبالإجمال،
أخفض عدد سكان العالم بمقدار 75-100 مليون نسمة تقريباً، وذلك خلال القرن
الرابع عشر فقط.
3. يعود سبب المرض إلى بكتيريا عُرفت باسم (يرسينيا بيستيس) (Yersinia Pestis) نسبةً إلى مكتشفها أليكساندر بيستيس.
4. ارتبطت هذه البكتيريا ببراغيث الفئران السوداء التي كانت من الركّاب
الدّائمين على السفن التجارية، بسبب غياب مفهوم العدوى وضرورة النظافة في
تلك الحقبة.
5. زادت عواملٌ أخرى في حدّة هذا الوباء، أهمّها الحروب والمجاعات
وأحوال الطقس والجهل العلميّ. فقد كانت الجثث تبقى أياماً في الشوارع
والطرقات حتى تتعفّن.
6. ظهر في تلك الفترة ”طبيب الطاعون“ الذي يرتدي قناعاً شبيهاّ
بالمنقار ومملوءاً بالمواد العطريّة لتحميه من الهواء العفن المحيط
بالمرضى، فأصبح هذا الوجه فيما بعد أحد الرموز المميّزة لتلك الحقبة.
7. تأثّر أدب وفولكلور وفنّ القرون الوسطى بالكارثة الوبائيّة التي
عاصروها، فجاءت الروايات والأشعار والقصص عن الموت والخوف والرّعب.
8. إحدى هذه القصص في النرويج عن امرأة عجوز عُرفت ب ”عجوز الطاعون“
كانت تدور على القرى والمزارع ورُسمت لها لوحات بمخيفة بعنوان ”أمّي، هناك
عجوزٌ قادمة!“
9. استمرّ الوباء يفتك بالعالم بين القرنين الرابع عشر والسّابع عشر، وقد بدا أنّه اختفى نهائياً في ثلاثينيّات القرن الماضي.
10. في مدغشقر تمّ رصد حالة من بكتيريا الطاعون التي طوّرت مقاومة ضدّ
المضادات الحيوية في عام 1995، كما وصلت لمنظمة الصحة العالمية تشخيصات
متعددة عن مصابين بالطاعون في نوفمبر 2014.
إرسال تعليق